يبدو أن بوصلة اتجاه الأحداث في العراق بدأت بالتغير بعد تشكيل غرفة التحالف الرباعي.
تأتي هذه المتغيرات على وقع انطلاق الحراك الشعبي وحزمة الإصلاحات الحكومية التي أطاحت بنوري المالكي المقرب من قوات الحشد الشعبي من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية وانسحاب قوات الحشد الشعبي من جبهات القتال في اغسطس/آب الماضي.
فبعد محادثات التعاون العسكري التي أجراها وزير الدفاع خالد العبيدي في موسكو وإعلان العراق البدء بقصف أهداف لتنظيم “داعش” بمساعدة مركز مخابرات جديد يضم ممثلين عن روسيا وإيران وسوريا، أطلق رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الاثنين المرحلة الثانية من معركة “لبيك يا رسول” لاكمال تحرير قضاء بيجي المشهورة بمصفاتها النفطية وبعض القرى والبلدات التابعة لها، بالإضافة الى تأمين المنشأة النفطية التي يسيطر داعش على ثلث مساحتها.
وفيما نفى قائم مقام قضاء بيجي محمد محمود تحرير القضاء وأكد أن القوات المؤلفة من قيادة عمليات صلاح الدين والقطعات المتجحفلة معها من الشرطة الاتحادية وأبناء الحشد طوقت المدينة وسيطرت على مفرق قضاء حديثة والسكرية من الجهة الغربية للقضاء، وطريق مكحول وصولا إلى مطعم الأمين من الجهة الشمالية وتمكنت من الوصول إلى طريق منطقة الفتحة من الجهة الشرقية، أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي، الخميس أن مركز معلومات التحالف الرباعي بقيادة روسيا زود القوات الأمنية بمعلومات مهمة عن تجمعات “داعش” ساعدت في حسم معركة بيجي.
وقال الزاملي في تصريح صحفي إن “الانضباط والروح المعنوية التي تحلت بها القوات الامنية وفصائل المقاومة والحشد الشعبي كان له الدور الكبير في حسم معركة بيجي في أقل وقت وبخسائر أقل، مؤكدا أن معركة الموصل باتت قريبة جدا”.
من جانب آخر، قال الناطق باسم الحشد الشعبي النائب أحمد الأسدي إنه وبفضل معلومات تم الحصول عليها من مركز معلومات التحالف الرباعي بقيادة روسيا وإيران خاصة استطاعت القوات الامنية والحشد الشعبي و خلال ساعات قليلة، من تحرير أكثر من 90% من مناطق بيجي والرمادي.
وأضاف الأسدي أن مشاركة التحالف الرباعي زادت من عزيمة القوات الأمنية وجعلت الانتصار أكثر سهولة وأقل خسائر وأقل وقتا، وأن مدن الرمادي ستكون وجهتنا الساعات القليلة القادمة.
وبحسب قياديين في بدر، فإنه في الوقت الذي اضطر فيه الحشد إلى الانسحاب من معركة الرمادي بعد توسع الدور الأميركي في العمليات، فإن فصائل الحشد التي يبدو أنها كانت تستعد لشن هجوم كبير على بيجي، وجدت في التحالف الرباعي بديلا عن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية.
وفيما أكدت مصادر مطلعة أن صفقة عسكرية كانت وراء عمليات بيجي الأخيرة تقضي بتقاسم المهمات بين التحالف الدولي بقيادة أميركا في الرمادي والتحالف الرباعي بقيادة روسيا في بيجي. وتقول المصادر التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، أن الصفقة تضمنت أن تتصدر القوات الامريكية المعارك في الرمادي مقابل خروج الحشد من المعارك وفسح المجال أمامه لخوض معارك بيجي. وكشف الخبير الأمني هشام الهاشمي عن معلومات مؤكدة تشير إلى امتلاك فصائل الحشد الشعبي شحنات أسلحة متطورة ووجود فريق من المستشارين العسكريين والخبراء، وإرسال وحدات خاصة تدربت منذ شهور على قتال المدن والشوارع الى بيجي وغرب سامراء.
وفيما أكد السفير الأميركي في العراق ستيوارت جونز أن وجود التحالف الرباعي في العراق قرار عائد للحكومة العراقية، وأن ذلك لن يؤثر على التعاون بين واشنطن وبغداد، أوضح عضو لجنة العلاقات الخارجية النائب عباس البياتي أن التعاون الرباعي، بين روسيا والعراق وإيران وسوريا، هو تحالف بين وزارات دفاع هذه الدول، من خلال رئاسات الأركان، مع وجود ضابط استخبارات واحد لكل دولة يربط بين هذه الوزارات.
وأضاف البياتي أن هذا التحالف له مقر رئيس في بغداد، ومكاتب أخرى في روسيا وسوريا وإيران، والهدف منه تبادل المعلومات الاستخبارية.
وفيما يستمر الجدل السياسي بين القوى العراقية التي انقسمت بين قوى تؤيد التحالف الدولي بقيادة اميركا من جهة واخرى مؤيدة للتحالف الراباعي بقيادة روسيا من جهة أخرى، تؤكد اتجاهات المعارك الأخيرة في بيجي والرمادي أن التقدم في الجبهتين سببه تنافس ميداني بين الطرفين ولذلك ايجابيات تكتيكية وسلبيات قد تكون استراتيجية.