بشار جرار يكتب عن شهادة رئيس مصر “المعزول ضد المخلوع”: حماس وحزب الله.. الحل أم الحظر؟

بشار جرار يكتب عن شهادة رئيس مصر “المعزول ضد المخلوع”: حماس وحزب الله.. الحل أم الحظر؟

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة – الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

قبل 3 عقود دأب أستاذ علوم سياسية في الأردن على إجراء استفتاء في أكبر مدرجات الجامعة الأردنية حول ما إن كان قرار الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الانسحاب من بيروت بعد الحصار الإسرائيلي قرارا حصيفا وطنيا أم لا؟ ما زلت أذكر نتيجة التصويت التي تلخص الكثير فيما يقال في عالم السياسة حيث المحاكمات لا تكون بالضرورة وفقا لمنطق الخير والشر، الحق والباطل، والربح والخسارة.

كثيرة هي تلك اللحظات التاريخية الفارقة في عمر الأمم. من ضمنها الإمارة والولاية في الموروث الديني وقرارات أو لعلها اجتهادات الإدارة والسياسة في القانون والعرف المدني لأمم شرقنا الواعد بالخير رغم ماضيه الحافل بالعذابات.

من ضمن تلك القرارات الفاصلة، ثورة العرب الكبرى على المستعمر العثماني وما تلاه من مستعمري الغرب والشرق والأوهام الإردوغانية. السجال والاقتتال حول قرار تقسيم فلسطين التاريخية وما تلاها من قرارات تضاءلت فيها الفرص المتاحة تباعا مع كل لاءات العرب، قبل القمة العربية في الخرطوم وبعدها، وصولا إلى قمة الرباط حيث لم يأخذ العرب بنصيحة الراحل الكبير الحسين بخطورة قرار اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. قرار مفصلي أيضا سبقه قبل 4 سنين قرار تاريخي مفصلي للحسين بكيفية التعامل مع ما سمي حينها بالعمل الثوري الفدائي الفلسطيني الداعي برعاية مصر كبرى الدول العربية إلى تحرير فلسطين عبر إسقاط “الرجعية” لتفرخ تلك التنظيمات مزيدا من الفصائل المتحاربة فيما بينها على إقامة الخلافة بعد إسقاط تلك الرجعيات أو دولة الثورة التي تجاوزت سنوات التيه في سبيلها الأربعين عاما!

قد يهمك أيضا: “شهادة مبارك” تبرز بتويتر.. ومغردون بين “كذاب” و”بطل قومي”

لم تغب عن خاطري ذكريات مؤلمة من تاريخنا الإسلامي والعربي وأنا أتابع شهادة الرئيس المعزول بالرئيس المخلوع وجماعته من تنظيم الإخوان المسلمين المحظور في مصر وعدد من الدول العربية من ضمنها الإمارات. إن نظر القضاء المصري في قضية اقتحام الحدود الشرقية لمصر بنحو 800 من المسلحين القادمين عبر الأنفاق من قطاع غزة طعنة نجلاء أضافت للتاريخ العربي الإسلامي الدامي الكثير من حالات الغدر والخيانة التي راح ضحيتها حتى أكثر الخلفاء عدلا وفقها وأقربهما قرابة ونسبا للرسول، عمر وعثمان وعليا.

أعلم ألا سبيل لتفادي السجال حول الموقف مما يسمى “الربيع العربي” وما جرى في مصر تحديدا سواء تنحي حسني مبارك أو عزل محمد مرسي رئيسي مصر السابقين. أعلم أيضا أن المشاعر حولهما لا ترتبط بهما وبإرثيهما بقدر ما ترتبط بما يمثل كل منهما. وعليه ما يعنيني هنا هو اقتصار هذه المقالة على التهم المنسوبة إلى كل من حماس وحزب الله وجماعة الإخوان المسلمين (التنظيم المحلي-إخوان مصر وغزة وتركيا) والتنظيم العالمي السري للإخوان.

كذلك.. مبارك يطلب الإذن لكشف معلومات.. وبكري لـCNN: ستوضح أمورا كثيرة

أدرك أن لكل من تلك التنظيمات خصوصية تدعيها “تقية” ليس إلا. تقية مقيتة يرفضها الإيمان الصادق والمروءة إنسانيا ووطنيا. صاحب الحق يجاهر به، فما بالك إن كان ما يزعم يأتي من الله الحق كما يدعون. ليس في عالم اليوم من يحفر الأخاديد لإلقاء المؤمنين بالنار ولا بتسليمهم للأسود الجائعة في الجب. فسجل تلك التنظيمات الأسود يظهر مكمن ما تضمر من شر وأشرار.

تخيل لو قيض الله للبنان قيادة أو جيشا اتخذ القرار الصائب مع فوضى السلاح وظاهرة الدولة داخل دولة كما يدين الأردنيون الآن للحسين وجيشه العربي في حسم الموقف عسكريا في أردن أيلول الأبيض عام ١٩٧٠ قبل أن تضيع الأوطان و”القضية”؟

إن المتابع المنصف لمآل الأمور يدرك مدى خطورة التخوين والتكفير والإقصاء والولاء المنقوص أو المزدوج في صفوف أي دولة أو مجتمع في العالم. المشكلة ليست في غزة وسيناء أو مصر فالكارثة طامة عامة حذر منها مبارك نفسه بريطانيا وأميركا يوما ما لاستضافتهما للاجئين “سياسيين” على شاكلة أبو حمزة المصري و”الشيخ” عمر عبد الرحمن الذي “استمات” مرسي على “تحريره من أسره” بعد إدانته بجرائم إرهابية من ضمنها الاعتداء الأول على مركز التجارة الدولي في نيويورك قبل سنوات من اعتداءات 11 سبتمبر التي كان فيها “الإخواني” الإرهابي عبد الله عزام المرشد الروحي لزعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن.

و.. مرسي ومبارك بقاعة محاكمة واحدة لأول مرة بقضية اقتحام الحدود الشرقية

كثير من الأحداث التاريخية -وبصرف النظر عن المحاكمات السياسية أو القضائية أو العقائدية لها- شكلت أجراس إنذار بضرورة استئصال بذور الشر قبل تنبيت أشتالها الخبيثة وطحالبها السرطانية. جرائم الإخوان وحزب الله وحماس بحق كثير من الدول العربية كلفت الكثير الكثير من الدماء والأموال. أي إيمان وأي ثورة في عالم يقوم على الجريمة بمعناها الجنائي البحت كتهريب السلاح والمخدرات وغسيل الأموال وشراء الذمم وإفسادها وترويع أصحاب الأقلام والأصوات الذين تجرأوا على قول لا بالفم المليان للعبهم بالبيضة والحجر.

“أم الدنيا” مصر التي يذبح فيها الإرهاب الجندي والقبطي المصري وتطاول فيها السماسرة إبان عهد مرسي إلى حد محاولة خصخصة الأهرامات، أولى بأن تتبع في حظر هذه التنظيمات الخطرة غير المؤتمنة حتى على قضيتها دينية مذهبية وطنية أو فصائلية. آن الأوان لحل أو حظر أي تنظيم يحمل السلاح أو تثبت عمالته أو ولاؤه للخارج كائنا من كان. 

Post Author: Editor